بعد اشهر من محاولات عبود للاستقرار في ألمانيا وتعلم اللغة والعمل في مركز تعلم البرمجة، قرر أن يخطو خطوة كبيرة في مسيرته المهنية. قام بإرسال سيرته الذاتية إلى اكثر من شركة برمجيات في برلين، وكمفاجأة سارة، حصل على رد إيجابي من احدى الشركات الكبيرة في برلين
اتصلو به لتحديد موعد مقابلة. كان عبود متحمسًا، لكنه يعلم أن هذه الفرصة قد تكون مفتاحًا لمستقبله الجديد.وكان مستغربا كيف لشركة مثل هذه قبلت به بهذه السرعة ؟
عبود (بين نفسه): " ولاكن هذه فرصتي لأبدأ حياة جديدة... يجب أن أكون مستعدًا."
استعد عبود بشكل جيد للمقابلة، ارتدى ملابس رسمية وتوجه إلى الشركة، حيث كان يشعر بمزيج من التوتر والحماس. كانت الشركة تقع في مبنى شاهق وسط برلين، تصميمه يعكس الرقي والحداثة، وهو ما زاد من حماسة عبود.
وصل عبود إلى الشركة الكبرى في برلين في وقت مبكر، حاملاً آمالاً كبيرة حول هذه المقابلة. كانت فرصته لتغيير حياته للأفضل. بعد كل التحديات التي مر بها، كان يعلم أن هذه المقابلة ستكون نقطة تحول. لكن ما لم يعرفه عبود هو أن هذا اللقاء سيحمل معه مفاجآت لم يكن يتوقعها.
عندما وصل إلى مكتب الشركة، توجه إلى الاستقبال حيث رحبت به الموظفة وأخبرته بأن ينتظر في غرفة الاجتماعات. كان الجو هادئًا من حوله، لكنه شعر ببعض التوتر الداخلي. جلس وهو يحاول أن يضبط أعصابه، يعد نفسه لكل سؤال قد يُطرح عليه.
عبود (بين نفسه): "هذا هو، الفرصة التي كنت أنتظرها. يجب أن أكون مستعدًا لكل شيء."
لم يكن عبود يعرف أن اللقاء سيكون مع المديرة التنفيذية نفسها. دقائق مرت قبل أن يُفتح الباب بهدوء، وتدخل منه امرأة في العشرينات، أنيقة وجميلة بشكل يلفت الانتباه، لكنها كانت تحمل معها هالة من الجدية والحزم.
كانت أورورا تتمتع بحضور قوي. عيناها الزرقاوان تعكسان ثقة غير عادية، وشعرها الطويل الداكن مرتب بعناية. كانت ترتدي بدلة رسمية تضفي عليها مظهرًا احترافيًا، لكن ما جذب انتباه عبود أكثر هو تلك النظرة الغامضة التي بدت وكأنها تحمل في طياتها أسرارًا كثيرة.
أورورا (بحزم لكن بابتسامة خفيفة): "عبود، أليس كذلك؟"
عبود رفع رأسه، مستعدًا للإجابة. لكن قبل أن ينطق بكلمة، رأى شيئًا غريبًا في عينيها. لوهلة، لاحظت أورورا الاسم، فتغيرت تعابير وجهها للحظة وجيزة. كانت تلك اللحظة التي شعرت فيها بشيء مألوف عن هذا الاسم.
أورورا (بين نفسها): "عبود... هذا الاسم... وسوري ؟؟ لقد تحدث عنه والدي. هل يمكن انه هو"
كانت أورورا قد سمعت هذا الاسم من قبل. والدها غريغور، الذي كان شخصية رئيسية في حياتها رغم غموضه وأسراره، تحدث في مرة عن شخص يدعى عبود. وهو لاجء سوري لم تكن تعرف الكثير، لكنها كانت تعلم أن عبود كان مرتبطًا بطريقة ما بوالدها. شعرت بارتباك داخلي، لكنها سرعان ما استعادت هدوءها لتكمل المقابلة بشكل طبيعي.
عبود (مبتسم بخفة): "نعم، هذا أنا."
بدأت أورورا المقابلة بشكل طبيعي واحترافي. طرحت أسئلة عن خبرة عبود، مهاراته في البرمجة، وكيف يعتقد أنه يمكنه المساهمة في الشركة. كانت كل إجابة منه مليئة بالثقة والإصرار. كان يحاول أن يظهر أفضل ما لديه، ويعرف أن هذا ليس وقتًا للتردد.
أورورا (بجدية): "أخبرني عبود، كيف بدأت في البرمجة؟ ما الذي جذبك لهذا المجال؟"
عبود (بابتسامة مفعمة بالتحدي): "بدأت عندما كنت صغيرًا. كنت دائمًا مفتونًا بالتكنولوجيا والهواتف القديمة. ثم، عندما وصلت إلى تركيا، حصلت على فرصة لتعلم المزيد من خلال مراكز البرمجة. وأدركت أن هذا المجال يمكن أن يكون طريقي إلى مستقبل أفضل."
أورورا (بتفكير عميق): "فهمت... يبدو أن لديك دافعًا قويًا. هذا جيد."
رغم أنها كانت تستمع إلى إجابات عبود، إلا أن عقل أورورا كان مشغولاً بتلك الذكرى البعيدة عن والدها. كانت تعلم أن عليها البقاء هادئة وعدم إظهار أي ارتباك. لم تكن مستعدة لمواجهة عبود بشأن أي شيء يتعلق بغريغور في هذا الوقت.
بينما كان عبود يتحدث عن خبرته، كانت أورورا تسترجع تلك الليلة التي جلس فيها والدها غريغور وتحدث عن شخص اسمه "عبود". لم يخبرها والدها بكل شيء، لكنه كان واضحًا أن عبود كان مهمًا في بعض الأعمال التي قام بها.
أورورا (بين نفسها، وهي تنظر إلى عبود): "ماذا كان والدي يفعل معك؟ ولماذا أنت هنا الآن؟"
لم يكن لديها أي نية في كشف شكوكها أمام عبود في هذا الوقت. بدلاً من ذلك، قررت أن تُبقي على المقابلة في إطارها المهني.
بعد حوالي ساعة من الأسئلة والنقاشات، شعرت أورورا بأنها تعرفت على جوانب كثيرة من شخصية عبود. كانت متأكدة من مهارته، لكنها لم تستطع التخلص من الشكوك التي تراودها حول ارتباطه بوالدها.
أورورا (بهدوء): "أعتقد أن هذا كل ما لدينا اليوم. سأقوم بمراجعة سيرتك الذاتية وسنتواصل معك في الأيام المقبلة."
عبود (بابتسامة خفيفة): "شكرًا لك على الوقت، أتطلع إلى سماع ردكم."
وقف عبود استعدادًا للمغادرة، لكنه لاحظ تلك النظرة في عيني أورورا. كان هناك شيء غريب، شيء لم يستطع تحديده، لكنه شعر بأن المقابلة لم تكن عادية.
خرج عبود من الشركة وهو يشعر بمزيج من الارتباك والفضول. لماذا شعر بأن هناك شيء غير طبيعي في المقابلة؟ كانت أورورا شخصية قوية، لكنه شعر بأن هناك شيئًا آخر لم يظهر على السطح.
عبود (بين نفسه): "هل كانت تعرفني من قبل؟ ربما مجرد شعور."
أما أورورا، فقد جلست في مكتبها بعد رحيل عبود، تفكر في الخطوة التالية. كان عبود لغزًا يجب أن تكشفه.